الرغبة والحاجة تحليل نص ميلاني كلاين
أولا: مطلب الفهم
تأطير النص
النص ينتمي نظريا إلى علم النفس التحليلي، وبذلك سيكون تناوله للرغبة من زاوية سيكولوجية، ويعود هذا النص لصاحبته لمحللة النفسية النمساوية ميلاني كلاين وهذه المحللة النفسية اتجهت في ابحاثها نحو دراسة التكوين النفسي للأطفال إذن يمكننا تأطير النص بالقول: يتأطر هذا النص داخل المجال الاشكالي لمجزوءة الإنسان حيث يعالج مفهوم الرغبة وعلاقتها بالحاجة وخصوصا قضيته تحول الحاجات إلى رغبات
يمكنكم متابعة الشرح الكامل للموضوع على اليوتوب في نهاية المقالة
إشكالات النص
ما الرغبة وما الحاجة؟ وما طبيعة العلاقة بينها؟ هل هي علاقة استمرار أم قطيعة؟ وكيف تتحول الحاجة الى رغبة حسن هذا النص؟ وأيضا كيف يتدخل إشباع الرغبات في تحديد شخصية الفرد؟ وهل ترتبط الرغبة بما هو شعوري أم بما هو لا شعوري؟
ثانيا: مطلب التحليل
أطروحة النص
تدافع "ميلاني كلاين" عن أطروحة مفادها أن الحاجة تتحول إلى رغبة لا شعورية، وأن العلاقة بين الحاجة والرغبة هي علاقة امتداد نفسي لا شعوري تحكم حياة الفرد في المستقبل، والصراع بين الرغبة وإشباعها هو أساس نضج الشخصية وتفجير طاقات إبداعية فيها.
والمقصود بهذا أن علاقة الطفل بثدي أمه لا تقف عند حدود إشباع حاجة بيولوجية ضرورية (الحاجة إلى الطعام)، بل تمتد هذه الحاجة إلى رغبة في التخلص من كل ما يمكن أن يهدد كيان الطفل الرضيع. وبالتالي فالحاجة تتحول إلى رغبة في الشعور بالحماية والأمان والتخلص من الخوف والقلق الاضطهادي والدوافع التدميرية. وهكذا تتحول علاقة الحاجة بالرغبة الى علاقة لا شعورية، تحدد شخصية الفرد المستقبلية.
البنية المفاهيمة في النص
يتشكل هذا النص من بنية مفاهيمية وجب الوقوف عندها لفهم وتحليل موقف صاحب النص، أي ان شرحنا لهذه المفاهيم يزيد من فهمنا لهذا النص ولعل أبرز تلك المفاهيم الرغبة – الحاجة – الإحباط - الاعلاء
- الرغبة: الرغبة في اللغة عموما هي الحرص على الشيء والطمع فيه، وفي المعجم الفلسفي "لأندي لالاند" هي ميل عفوي، نحو موضوع معلوم أو متخيل، وحسب هذا النص فالرغبة هي تحول الحاجة إلى ميل ونزوع، وقد يكون هذا الميل نحو موضوع ما يراد به تحقيق الإشباع، أو ميلا في اتجاه التخلص من هذا الموضوع
- الحاجة: الجانب البيولوجي في الانسان وهي ضرورة طبيعية كالأكل والشرب والنوم...، وهي عند الانسان قابلة للتطور والتنوع حسب الثقافات والمجتمعات
- الاحباط: هو الحيلولة دون تحقيق الانسان لرغبة من رغباته، فيتم كبت هذه الرغبة في اللاشعور، وينتج عن عدم تحقيق هذه الرغبة مشاعر مؤلمة، وقد يكون تأثيره سلبيا أو إيجابيا حسب قوة الشخصية أو ضعفها.
- الاعلاء : أعلى يعني سمى وارتفع وهو حسب النص تحويل طاقات الانسان وغرائزه المستخدمة في سلوك غير مقبول الى غاية نبيلة يقدرها المجتمع، أي هو السمو بالغريزة الى مجال مقبول اجتماعيا
الوحدات الفكرية في النص
- يرغب الطفل في الحضور الدائم لثديي أمه تحقيقا لحاجاته للطعام ورغبة في التخلص من قلقه وغرائزه التدميرية كما يؤكد التحليل النفسي للراشد وجود رغبة لدى الطفل في أم قادرة على حمايته من كل ما يهدد كيانه داخليا أو خارجيا
- تميز ميلاني كلاين بين طريقتين في الإرضاع: طريقة أقل ضبطا لزمن الإرضاع وهي أكثر ملائمة لحاجات الطفل حيث نجد في هذه الطريقة سهولة تحقيق الحاجات وصعوبة تحقيق الرغبات وطريقة أكثر ضبطا لزمن الإرضاع وتلبية رغبات الطفل، وهذه الطريقة لا تخلص الطفل من توتره، لأنه يقلق باستشعاره لقلق أمه عليه، وعنايتها المبالغة فيها، فيتعمق لديه نفس القلق.
- ضرورة إعطاء الطفل فرصة التنفيس عن الذات والتخلص من توتراته ودوافعه السلبية، وذلك من خلال مساحة البكاء الفاصلة بين الرغبة واشباعها والإحباط المعقول هو الاحباط المصحوب بتحفيزات وتشجيعات الأم، وهو إحباط يمكن الطفل من مواجهة قلقه والسمو برغباته غير المتحققة الى مجال الابداع في مرحلة النضج
- تؤكد صاحب النص في ختام نصها على أن الصراع بين الرغبة وإشباعها عند الطفل يؤثر سلبا على شخصيته وقدراته على ابداع الحلول للمشكلات التي يمكن ان تصادفه في باقي حياته
البنية الحجاجية في النص
- عرضت ميلاني كلاين أطروحة مفادها أن الحاجة كضرورة بيولوجية تتحول الى رغبة نفسية لاشعورية
- استشهدت ميلاني كلاين على ذلك بأمثلة ونماذج من الواقع لتأكيد فكرتها
- رتبت وميزت بين طريقتين في الارضاع، طريقة أولى أقل ضبطا لزمن الارضاع، وطريقة ثانية صارمة في التزامها بوقت الارضاع